بعد نحو قرن من الإبداع.. وفاة الرسام الفرنسي بيير سولاج الشهير بـ"ملك الأسوَد"

"الرسم ليس جميلًا أو ممتعًا فحسب، إنه شيء يساعدك على الوقوف بمفردك ومواجهة نفسك"، مقولة تعود للرسام العالمي بيير سولاج، الذي غيبه الموت اليوم

في العام الثاني بعد المئة من عمره، بعد مسيرة فنية حافلة.

الخبر جاء صادمًا لمحبي “ملك الأسوَد” -كما يشتهر- حيث اعتمد في رسمه على اللون الأسود فقط، باعثًا بدرجاته وأفكاره الأمل في نفوس الملايين، وهذه كانت نقطة إبداعه.

ونشرت وسائل الإعلام قول الصديق القديم لبيير سولاج، ألفرِد باكمان، الذي يترأس متحفاً يحمل اسم الفنان في روديز بجنوب فرنسا: "إنه خبر محزن، لقد كنت أتحدث قبل قليل مع أرملته كوليت سولاج، التي احتفل معها قبل أيام بعيد زواجهما الثمانين"، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس. 

 قرن من الإبداع

“أدركت أن معظم الناس يضيعون حياتهم في كسب لقمة العيش، وأردت أن أعيش أنا أحب الرسم، لذلك أستمر في الرسم، هكذا أصبحت فنانا”، “لا أريد أن أتوقف عن الرسم، أبلغ من العمر مئة عام الآن وما زلت أفكر في اللوحة التي سأفعلها غدًا”.

هكذا عبر الفنان الفرنسي الأشهر عن عشقه للرسم، فلم يتوقف بيير سولاج عن العمل رغم تجاوزه 100 عام، كما أن أعمالَه بالأبيض والأسود بيعت بأرقام قياسية ونال جائزة "بريميوم إمبرياله" التي تُعرف بـ"جائزة نوبل للفنون"، وتكريماً لإسهاماتِه على مدار العقود الماضية شيدت له مدينة روديس -مسقط رأسه- متحفاً خاصاً بأعماله.

واكتسب سولاج، المولود في 24 ديسمبر 1919، شهرة واسعة اعتبارا من خمسينيات القرن الماضي، ودخلت لوحاته أرقى المتاحف في العالم، كمتحف غوغنهايم في نيويورك ومعرض تايت في لندن، وطوال أكثر من 75 عاما، كانت أعماله محط اهتمام المؤسسات الثقافية وسوق الفن، وفي نوفمبر 2021، بيعت لوحة له تعود إلى عام 1961 بمبلغ 20,2 مليون دولار في نيويورك.

وتجاوز ثمن اللوحة بأشواط الرقم القياسي السابق الذي حققه أحد أعمال سولاج عام 2019 في باريس، البالغ 10,8 مليون دولار. 

وفي مايو 2014، وكان يومها في الرابعة والتسعين، حضر افتتاح متحف مخصص بالكامل لأعماله في مدينته روديز. 

الرئيس الفرنسي ينعى ملك الأسود

وسائل الإعلام المختلفة صرحت بأن وفاة الرسام نجمت عن أزمة قلبية.

وعلّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تويتر على وفاة سولاج، معتبرا أنه "عرف كيف يعيد اختراع اللون الأسود، عبر جعل النور ينبثق منه، بالإضافة إلى اللون الأسود، تشكّل أعماله استعارات حية يستمد منها كل منا الأمل".

ورأت وزيرة الثقافة، ريما عبدالملك، أن وفاته "خسارة كبيرة لعالم الفن ولفرنسا"، فيما أسف سلفها جاك لانغ لـ"رحيل أحد كبار الفن".

وكتبت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن على تويتر، أن سولاج "يترك وراءه نتاجاً هائلاً عابراً للزمن"، مذكّرة بأن الرسام الراحل "أعاد ابتكار اللون الأسود بشكل مذهل"، واصفة إياه بأنه "سيد الأضواء".

اللوفر يحتفي بفن سولاج

في عامه المئة احتفى متحف اللوفر بأعمال بيير سولاج، خلال استكشاف الضوء عبر اللون الأسود الذي يتميز به الرسام الفرنسي، وسبق لرسامين فقط أن كرما بهذه الطريقة وهما بيكاسو وشاغال عند بلوغهما سن التسعين.

 فقلة قليلة من الفنانين حصلت على شرف أن تعرض أعمالها في المتحف العريق وهم على قيد الحياة.

وبالعودة لما نشر حينذاك، فقد ركز اللوفر على 20 لوحة تقريبا للرسام الكبير الذي يعتبر أهم فنان فرنسي لا يزال على قيد الحياة، ويستمر المعرض حتى التاسع من مارس 2020 مع إعارات من العالم بأسره مثل غاليري تايت في لندن ومتحف غوغينهايم في نيويورك ومتحف سولاج في روديز وغيرها، في دليل على الشهرة والتقدير اللذين يتمتع بهما الفنان الفرنسي على جانبي الأطلسي.